بدأ اللقاء الأول مع الصف السادس في أذار 2018، وكالعادة يكون اللقاء تعريفي بالميسرين وبرنامج الرعاية الاجتماعية النفسية، ونتعرف على الأطفال المشاركين، ونطلب منهم تعبئة طلب موافقة الأهل على الانضمام في البرنامج، وهنا قامت طفلة بأخذ الأوراق من يدي، وتوزيعها على باقي الطلاب، وأخذت أقلام الرصاص ووزعتهم أيضاً، وجلست على مقعدها ونظرت إلى بابتسامة، كانت تلك الطفلة أسمها حلا.

في أولى جلسات البرنامج، وخاصة في جلسات لغة الصورة، التي يقوم الطلاب بتعريف أنفسهم من خلال الصور، كانت مشاركة حلا بالتعليق على زميلاتها، و كانت كلماتها جارحة لمشاعر الاخرين أحياناً، ولم تخلو مداخلاتها من السخرية، أو الاستخفاف بأفكار من حولها، ولم تتحدث عن نفسها كثيراً أو تشارك ما تحب وتكره بعد قرابة شهرين من الجلسات، وصلت خطة البرنامج إلى وحدة الرسم، وكان على كل طفل أن يرسم ما يسعده و ما يغضبه، وكانت رسمات حلا عن هوايتها المفضلة، ككرة القدم، وحلا هي عضو في فريق كرة القدم في المدرسة، وتحدثت مشاعرها عن غضبها عندما يخسر فريقها مباراة، وفرحتها عند اللعب، لاحقاً دخلت النقاشات عمقاً أكثر، وتحولت مداخلات حلا الساخرة إلى تعبير عن مشاعر دفينة ، حيث عبرت عن سخرية المجتمع لها بسبب هوايتها، وأن كثيراً من الناس ينتقدوها بسبب هذه “الرياضة الذكورية “، و لخصت غضبها بالنقد السلبي من الناس، وصولهم إلى حد التنمر ، و حسب قولها أن هذا ما أعطاها هذه الشخصية العنيدة، التي لا تهتم بمشاعر الاخرين.

وصل البرنامج لجلسات الملتينة فالديوراما، وهنا يتخذ البرنامج جانب أعمق في التفكير، والنقاشات، والعمل. اتضحت شخصية حلا أكثر، وأظهرت ما بداخلها، فهي لم تكن حلا هذه الطفلة القاسية، العنيفة، والعنيدة، بالعكس تماماً، كانت حلا تعكس ما تتعرض له من تنمر، أكان بسبب كرة القدم، أم بسبب الوحمة على وجنتها، وكانت تعبر عما تتعرض له من سخرية، وكلام قاسي.
بعد التحدث عن مجسمات الملتينة، والتعبير من خلالها عن التفاصيل والأحداث التي حصلت معها، تغيرت أساليب حلا، وأصبحت أول المشاركين في الحديث عن أفكارها، وتساعد زميلاتها في مجسمات الملتينة، والرسمـ وتتطوع لتنظيف الصف بعد الجلسات، لم تعد تسخر، أو تعلق بشكل سلبي، وأصبحت جزء من المجموعة، وقالت بأنها ستستمر باللعب، وألا يوجد عيب بالوحمة، وأنه لا يوجد أنسان كامل، وهذا ما جعلها تتقبل نفسها، وتثق في ذاتها.